مسرحية بلاغ كاذب

مكتب رئيس تحرير صحيفة تَصْدُرُ في الصباح… الوقت ليلٌ… والعمل في الدار على أَشُدِّهِ… ولكن رئيس التحرير ينهض لِيَسْتَقْبِلَ زائرًا… أَدْخَلَهُ، ثم أَغْلَقَ بابَ المَكْتَبِ.

رئيس التحرير : تَفَضَّلْ يا سيدي.

الرجل : أخشى ألا تكون للحائط آذانٌ…

رئيس التحرير : ليس مِنْ حائِطٍ غيري… أقصد من غير أُذُني. أنا مُصْغٍ!

الرجل : جِئْتُ إليك بِخَبَرِ الأسبوع!..

رئيس التحرير : أَنْتَ تعلم أن جريدتنا تصدر في الصباح، وأَنَّنا في آخِرِ الليل…

الرجل : أَعْرِفُ أَنَّ وَقْتَكَ ثَمينٌ، وَأَعْرِفُ أني لم أعُدْ رجلا مهما كما كنت في الماضي!؟

رئيس التحرير : لم أقصد، ما الخبرُ؟

الرجل : قُنْبُلَةٌ سَتَنْفَجِرُ، وتُؤْدي بِحَياتي!

رئيس التحرير : وهل أَبْلَغْتَ الشرطة؟

الرجل : لا، هل يَسْتَحِق الخبرُ النشرَ في الصفحة الأولى؟

رئيس التحرير : بالطبع… مع عُنوانٍ بخط كبيرٍ، وصورةٍ!

الرجل : في أَيِّ ساعةٍ تَبْدَأونَ في طبع الجريدة؟

رئيس التحرير : تَبْدَأُ آلة الطباعة في التحرك حوالي الساعة الثانية صباحًا.

الرجل : سأنجح في إثارة اهتمام الصحافة!

رئيس التحرير : بلا شَكٍّ… ولو وقع هذا الأمر الذي تقول عنه، لكان خبر الأسبوع بلا جدال!

الرجل : القنبلةُ الآن موجودة تحت مكتبي، وستنفجر بعد قليل!.. لكن عَلَيَّ أن أُقَدِّمَ وقت الانْفِجارِ!؟

رئيس التحرير : مَنِ الَّذي وضعها في ذلك المكان؟

الرجل : خصومي السِّياسِيُّونَ!..

رئيس التحرير : مفهومٌ! هذا ما سنكتبه! كُنْ على ثِقَةٍ، ولكن ما حقيقة الموضوع؟ كيف عَرَفْتَ أَنَّها سَتَنْفَجِرُ بعد قليل؟

الرجل : أخبرني أَنْتَ أَوَّلاً.. ما الَّذي يَهُمُكَ نَشْرُهُ، باعتبارك صَحَفيًّا : حقيقةٌ تافهةٌ أو أُكذُبَةٌ رائعةٌ؟

رئيس التحرير : يهمني الخبرُ الذي يُثير الناسَ، ويَهُزُّ أَعْصابَهُم، وَيَجْعَلُهُم يتحدَّثونَ عنه باهتمام في كُلِّ مكانٍ!..

الرجل : اِتفقنا إِذَن… لا تسألني عن حقيقة الموضوع… المهم أَنْ تصف أنت الحادِثَ بِقَلَمِكَ المَعْروفِ، وتَسْرُدَ حياتي ومواقفي الماضية المشهورة..

رئيس التحرير : وَهَلْ سَتَنْفَجِرُ القنبلة وَتُحْدِثَ الوَفاةَ؟

الرجل : طَبْعًا… طَبْعًا… هذا لا شك فيه!

رئيس التحرير : يُدْهِشُني ما أسمع.. أنصحك أن تزور الطبيب… أنا آسف… اِنْتَهَيْنا.

أضف تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

*