
تقديم
التقويم التربوي عملية تربوية تساعد المدرس في ضبط حاجيات متعلميه، والتعرف على مستوى معارفهم؛ من أجل تفييئهم، ووضع خطة لدعم التعثرات، فهو يوضح للمتعلم مكامن قوته وضعفه، كما يبين مدى نجاعة الطرائق والأساليب التي ينهجها المدرس داخل الفصل الدراسي. ولذلك فالتقويم التربوي ينقسم إلى ثلاثة أقسام: التقويم التشخيصي، والتقويم التكويني، والتقويم النهائي.
تعريف التقويم التشخيصي
التقويم التشخيصي هو إجراء يهدف إلى اكتشاف مدى استعداد المتعلم لتعلم خبرة جديدة أو مقرر دراسي معين، ويمكِّن هذا التقويم من تحديد وضعية الانطلاق وأنشطة التعليم والتعلم.
يأتي التقويم التشخيصي في بداية السنة الدراسية، ويكون عبارة عن رائز تشخيصي؛ يهدف إلى قياس مدى استعداد المتعلمين للتعلم، والتعرف على مكتسباتهم ومعارفهم في السنوات الدراسية السابقة، والتعرف أيضا على رغباتهم واهتماماتهم، ومعرفة مستوى ذكائهم، ودرجة استعدادهم؛ من أجل وضع خطة علاجية للدعم. كما يأتي -التقويم التشخيصي- كذلك في بداية كل حصة دراسية أو درس جديد؛ للتأكد من تحقق أهداف الدرس السابق، ومن أجل استثمار المكتسبات السابقة في بناء الدرس الجديد.
أهداف التقويم التشخيصي
يهدف التقويم التشخيصي إلى اكتشاف نقاط القوة والضعف في تحصيل المتعلم، ويرتبط ارتباطا وثيقا بالتقويم التكويني من ناحية، وبالتقويم النهائي من ناحية أخرى؛ حيث أن التقويم التكويني يفيدنا في تتبع النمو عن طريق الحصول على تغذية راجعة من نتائج التقويم والقيام بعمليات تصحيحية وفقا لها، كما يفيدنا كذلك في مراجعة أساليب التدريس والتنشيط بشكل عام.
ومن ناحية أخرى يفيدنا التقويم النهائي في تقويم التعلمات النهائية تمهيدا لإعطاء تقديرات نهائية للمتعلمين لنقلهم لمستويات أعلى.
ومن أهم أهداف التقويم التشخيصي أيضا تحديد أسباب الصعوبات والثغرات التي تعترض المتعلم؛ بهدف التمكن من معالجتها وتصفيتها.
تشخيص مشكلات التعلم وعلاجها
قد يرى المدرس كل متعلم في الفصل كما لو أن له مشكلته الخاصة، إلا أنه في الواقع هناك مشكلات كثيرة مشتركة بين المتعلمين في المستوى الواحد، مما يساعد على تصنيفهم وفقا لهذه المشكلات المشتركة، ولمساعدة المتعلمين يجب أن يحدد المدرس مرحلة نموهم والصعوبات الخاصة التي يعانون منها، وهذا هو التشخيص التربوي، وقد كان في الماضي يقتصر على التعرف على المهارات والمعلومات الأكاديمية فقط، أما الآن فقد امتد مجاله ليشمل جميع مظاهر النمو.
لا يمكن أن تكون معالجة التعثرات ناجحة إلا إذا فهم المدرس أسس صعوبات التعلم من حيث ارتباطها بحاجات المتعلم الخاصة وأهمية إشباعها.
والتدريس الجيد هو الذي يتضمن عدة أشياء هي:
- مقابلة المتعلمين عند مستواهم التحصيلي والبدء من ذلك المستوى؛
- معرفة الخبرات والمشكلات التي صادفوها للوصول لتلك المستويات؛
- إدراك أثر الخبرات الحالية في الخبرات المدرسية المقبلة.
ويرتكز تشخيص صعوبات التعلم على ثلاثة جوانب:
التعرف على من يعانون من صعوبات التعلم
هناك عدة طرق لتحديد المتعلمين الذين يعانون من صعوبات التعلم، وأهم هذه الطرق هي:
- إجراء اختبارات تشخيصية كتابية كانت أم شفوية؛
- الرجوع إلى الماضي الدراسي لأهميته في إلقاء الضوء على نواحي الضعف في تحصيل المتعلم حاليا؛
- الاطلاع على الملف المدرسي للمتعلم.
تحديد نواحي القوة والضعف في تحصيلهم
لا شك أن الهدف من التشخيص هو معالجة الصعوبات والتعثرات، ولتحقيق ذلك يستطيع المدرس الاستفادة من نواحي القوة لدى المتعلم، وأول عناصر العلاج الناجح هو أن يشعر المتعلم بالنجاح في التعلم. ويتطلب تحديد جوانب القوة والضعف مهارات تشخيصية خاصة لا بد للمدرس من تنميتها حتى ولو لم يكن مختصا. وهناك ثلاثة قدرات لا بد من معرفتها واستيعابها حتى يستطيع المدرس تشخيص مواطن الضعف والقوة، وهذه القدرات هي:
- القدرة على فهم مبادئ التعلم وتطبيقاتها، مثل نظريات التعلم وتطبيقاتها في مجال التدريس، وعوامل التذكر والنسيان؛
- القدرة على التعرف على الأعراض المرتبطة بمظاهر النمو النفسي والجسمي التي يمكن أن تكون سببا في الصعوبات الخاصة؛
- القدرة على استخدام أساليب وأدوات التشخيص والعلاج بفاعلية.
تحديد عوامل وأسباب ضعف التحصيل
يستطيع المدرس، الذي له دراية بالأسباب العامة لضعف التحصيل الدراسي للمتعلم، وضع فرضيات سليمة حول أسباب الصعوبات التي يعاني منها التلاميذ، فقد يكون ضعف التحصيل الدراسي راجعا إلى عوامل بيئية أو شخصية كما يعكسها الاستعداد الدراسي، والنمو الجسدي، والماضي الصحي وما قد يرتبط بها من القدرات السمعية والبصرية للمتعلم.
علاج صعوبات التعلم
إلى جانب معرفة ما يحتاج المتعلم إلى تعلمه، يجب أن يعرف المدرس أفضل الوسائل التي تستخدم في تعليمه. ويمكن للعلاج أن يكون سهلا لو كان الأمر مجرد تطبيق وصفة معينة، ولكن هذا الأمر غير ممكن في مجال التعلم والتعليم، فالفروق الفردية بين المتعلمين أمر واقع.
وصعوبات التعلم متنوعة وعديدة لكل منها أسبابها؛ وقد ترجع مشكلة الكتابة الرديئة مثلا إلى نقص النمو الحركي بينما ترجع لدى طفل آخر إلى مجرد الإهمال وعدم الاهتمام.
ورغم اختلاف أساليب وطرق العلاج إلا أن هناك بعض الإرشادات التي تنطبق على الجميع، ويمكن أن تكون إطارا للعمل مع من يعانون من مشكلات في التحصيل الدراسي، وهي:
- أن يصحب البرنامج العلاجي حوافز قوية للمتعلم؛
- أن يكون العلاج فرديا يستخدم مبادئ سيكولوجية التعلم؛
- أن يتخلل البرنامج العلاجي عمليات تقويم مستمرة تطلع المتعلم على مدى تقدمه في المعالجة أولا بأول، فإن الإحساس بالنجاح دافع قوي على الاستمرار في المعالجة إلى نهايتها.
خطوات التقويم التشخيصي
لنأخذ مثالا حول التقويم التشخيصي لدرس ما. لبناء هذا الدرس، يجب على المدرس اتباع الخطوات التالية:
- تحديد أهداف الدرس؛
- تشخيص التعلمات السابقة لدى المتعلمين اللازمة لتحقيق أهداف الدرس؛
- توقع الصعوبات التي قد يواجهها المتعلم (مثل عدم التمكن من بعض التعلمات السابقة)؛
- تنفيذ مجموعة من الأنشطة التقويمية للمتعلمين، مثلا أسئلة كتابية، أو شفوية… (لتشخيص التعلمات السابقة لديهم)؛
- القيام بمجموعة من الأنشطة العلاجية (لمساعدة المتعلمين ضعاف المستوى على إدراك التعلمات السابقة)، والأنشطة الإثرائية لإبقاء المتعلمين المتمكنين من التعلمات السابقة في جو الحصة، وعدم شعورهم بالملل حتى يتمكن زملاءهم الآخرين من اللحاق بهم؛
- تقديم التعلمات الجديدة بأسلوب المهام والأنشطة التي تعتمد على دور المتعلم، مع إجراء مجموعة من الأنشطة التقويمية والإثرائية والعلاجية (هذه المرة للتعلمات الجديدة).
خاتمة
هناك فرق بين التقويم التشخيصي والتقويم البنائي أو التكويني، ويكمن هذا الفرق في خواص الأدوات المستعملة في كل منهما. فالاختبارات التشخيصية تصمم عادة لقياس مهارات وصفات أكثر شمولية مما تقيسه الأدوات التكوينية. وتكون أسئلة التقويم التشخيصي خاصة الرائز التشخيصي الذي يكون في بداية السنة الدراسية عبارة عن أسئلة متعددة، تكون مفتوحة أو مغلقة، وتتخذ شكل أسئلة صحيح أو خطأ، أو صل بسهم.