مشروع الوحدة: التعريف والأسس النظرية والبيداغوجية

تقديم

يُعد مشروع الوحدة من الأنشطة المندمجة التي تستهدف تقوية التعلمات في أفق تمكين المتعلمات والمتعلمين من الانفتاح على أشكال أخرى من الأنشطة التربوية، وتزويدهم باستراتيجيات تناسب أذواقهم وتسهم في تنمية كفاياتهم اللغوية، إن على المستوى الشفوي أو الكتابي.

تعريف مشروع الوحدة

مشروع الوحدة هو بمثابة الوعاء الذي يتم خلاله تجميع مكتسبات المتعلم، ودفعه إلى استثمار مكتسباته بطريقة جديدة تهدف إلى التمركز حول الذات، وتنويع طرق التعلم بالإضافة إلى احترام الفروق الفردية القائمة بين المتعلمين. حيث يعمل على صهرها وخلق انسجام داخل جماعة الفصل.

كما يُعتبر مشروع الوحدة إطارا بيداغوجيا ومنهجيا للارتقاء بالمتعلمات والمتعلمين معرفيا ووجدانيا ومهاريا، حيث يقومون من خلاله ببناء فهم معمق حول القضايا والموضوعات التي ينبغي معالجتها واتخاذ قرارات بشأنها، والتي تكون ذات علاقة بالمجالات المحددة.

الأسس النظرية والبيداغوجية لمشروع الوحدة

من أهم المرجعيات النظرية والبيداغوجية لمشروع الوحدة نذكر ما يلي:

نظرية جون ديوي

تقوم فكرة جون ديوي على مبدأ “التعلم بالممارسة” من خلال أنشطة بنائية وممارسات متمركزة حول المتعلم.

النظرية المعرفية

من أهم مفاهيم النظرية المعرفية: التعلم بالاكتشاف، التمثلات، استراتيجية التعلم، التفكّر، الذكاء، النمذجة.

ومن أهم مبادئ هذه النظرية:

  • المفاهيم التي يتعلمها المتعلم بالاكتشاف تكون أسهل مقارنة بالمفاهيم التي تُلَقّن له؛
  • طريقة تعلم المعلومة أهم من المعلومة ذاتها.

النظرية السوسيوبنائية

ومن أهم مبادئها:

  • الأطفال يكتسبون المعارف والمهارات من خلال التفاعل مع الراشدين (المدرس) والأقران؛
  • التعلم يعتمد على التفاعل مع الوسط الاجتماعي؛
  • مساعدة الراشِد ضرورية حين يعجز الطفل أو تواجهه صعوبات.

بيداغوجيا المشروع

تسعى بيداغوجيا المشروع إلى الاعتماد على الجانب التطبيقي أكثر من الجانب النظري، إضافة إلى كونها:

  • تجعل الحياة المدرسية جزءا من الحياة الاجتماعية؛
  • تساعد في جعل التعلم عمليا عبر مشاريع ملموسة.

المقاربة بالكفايات

تعتبر المقاربة بالكفايات من البيداغوجيات المتمركزة حول المتعلم(ة).

ومن أهم رهاناتها:

  • إعطاء معنى للتعلمات؛
  • تحقيق التكامل والامتداد بين المواد الدراسية؛
  • إبراز وظيفة التعلمات والمعارف المدرسية، أي أنها وسائل لحل وضعيات-مشكلة عبر تعبئتها وإدماجها؛
  • جعل المتعلم مسؤولا ومبدعا ومبادرا.

نظرية الذكاءات المتعددة

ترى هذه النظرية أن جميع الأفراد يمتلكون العديد من أنواع الذكاءات المتعددة (الذكاء المنطقي الرياضي، الذكاء الاجتماعي، الذكاء اللغوي، …)، وأنه ليس لدينا نفس المزيج من أنواع هذه الذكاءات، لكن نمتلكها بدرجات متفاوتة.

أهداف مشروع الوحدة

في كل وحدة دراسية، يكون المتعلمون والمتعلمات مطالبين بإنجاز مشاريع تربوية ترتبط بشكل وثيق بالكفاية الفرعية، وموضوع المجال المستهدف. ويساعد مشروع الوحدة المتعلمات والمتعلمين على:

  • إعطاء معنى لتعلماتهم؛
  • تنمية حسهم الإبداعي والجمالي والخيالي والفني؛
  • تنمية مهارات التفكير النقدي لديهم؛
  • التشجيع على البحث والاتصال بمصادر المعلومات المختلفة؛
  • تنمية قدرتهم على الاختيار، والتخطيط، وجمع المعلومات والبيانات، وتنظيمها، واستثمارها في الإنجاز؛
  • تعميق فهمهم حول الموضوعات المرتبطة بالمجالات المدروسة؛
  • إذكاء الحس التعاوني والانخراط في العمل التشاركي لديهم؛
  • الاعتزاز بإبداعاتهم وابتكاراتهم وتثمينها؛
  • تقوية الثقة بالنفس لديهم؛
  • تعبئة كفايتهم العرضانية المكتسبة في اللغات الأمازيغية والعربية والفرنسية؛
  • التعلم عن طريق الممارسة.

منطلقات مشروع الوحدة

لأجرأة مشروع الوحدة تعتمد المنطلقات الآتية:

  • يذكر الأستاذ(ة) في بداية الوحدة بالمجال وبالغايات المستهدفة من إنجاز مشروع الوحدة؛
  • يوجه المتعلمين والمتعلمات إلى اختيار المشاريع، واقتراح أشكال الإنتاجات النهائية؛
  • ينجز مشروع الوحدة ضمن فريق، حيث يقوم كل متعلم(ة) بمهام محددة متفاوض ومتعاقد بشأنها؛
  • تقتضي أنشطة مشروع الوحدة المزاوجة بين العمل داخل القسم وخارجه؛
  • يوظف المنتج النهائي للمشروع الموارد اللغوية (الإنتاج الشفهي والإنتاج الكتابي) إلى جانب أشكال تعبيرية أخرى (رسم، نحت، مجسمات، …)؛
  • يوجه المتعلمون والمتعلمات أثناء إنجاز المشروع إلى استثمار مصادر المعلومات بما فيها التكنولوجيات الحديثة، كلما أمكن ذلك؛
  • يُتخذ مشروع الوحدة آلية لخدمة التكامل بين مختلف مواد المنهاج الدراسي، من جهة، وفرصة التعامل مع اللغة العربية في كلتيها، وتتويجا لمختلف الأنشطة المنجزة والتعلمات المكتسبة، من جهة ثانية؛
  • يمنح مشروع الوحدة فرصة لجميع المتعلمات والمتعلمين للاندماج في جميع مراحله بدءا من تحديده وتخطيطه إلى عرضه.

موجهات مشروع الوحدة

من موجهات مشروع الوحدة نذكر:

  • يُدَبر مشروع واحد في كل وحدة دراسية؛
  • يرتبط المشروع بمجال الوحدة الدراسية؛
  • يُدَبَّر المشروع تبعا لخطوات محددة.

مراحل مشروع الوحدة

يُدَبر مشروع الوحدة وِفْقَ المراحل الآتية: تحديد المشروع والتخطيط له، إنجازه، عرضه، وذلك كما يأتي:

مرحلة تحديد المشروع والتخطيط له

يساعد الأستاذ(ة) المتعلمات والمتعلمين على اختيار موضوع مشروع الوحدة، المرتبط بمجال الوحدة الدراسية وبالاهتمامات المعبر عنها، ويناقش معهم شكل العمل ومراحل الإنجاز، وسبل التنفيذ وأدواته ووسائله وآلياته، ويوزع على المجموعات الأدوار والمهام، ويحيلها إلى مصادر المعلومات والبيانات.

مرحلة إنجاز المشروع

يقود الأستاذ(ة) المتعلمات والمتعلمين إلى الشروع في إنجاز مشروعهم، ويشجعهم على تدوين تعليقاتهم، وملاحظاتهم، وآرائهم بخصوص الوثائق، والبيانات، والصور، والقصاصات التي يمكن أن تكون جزءا من ملف المشروع وموارده؛ لحفزهم إلى الإنتاج اللغوي. وتدبر أنشطة هذه المرحلة في حصتين.

مرحلة عرض المشروع

يقدم المتعلمون والمتعلمات حصيلة عملهم بالتناوب مع تنويع صيغ العرض (تقرير مكتوب، عرض وفق خطاطة، عرض شفهي…). يفسح المجال لباقي المتعلمات والمتعلمين لإبداء ملاحظاتهم واقتراحاتهم بهدف التجويد والتحسين.

ملحوظات:

  • تتم مواكبة المتعلمات والمتعلمين في مختلف مراحل المشروع، وتُقَوَّمُ الأعمال وتدعم باستمرار؛
  • لاينحصر زمن مشروع الوحدة في الحصص الأربع المخصصة له ضمن حصص باقي مكونات اللغة العربية، بل يمتد من مرحلة تحديده والتخطيط له إلى حين عرض المنتج النهائي، مع تخصيص هامش زمني لتتبع سير إنجازه؛
  • تدرج في دليل الأستاذ والأستاذة فقرة تخصص لتفصيل الخطوات المنهجية المرتبطة بكل حصة وبكل خطوة.

تقويم مشروع الوحدة

يُقوَّم مشروع الوحدة باعتماد معايير ومؤشرات وفق ما يأتي:

  • فرديا: تقويم مهارات التفاعل داخل المجموعة، وتنفيذ المهام المسندة لكل عضو من أعضائها؛
  • جماعيا: الالتزام بخطوات بناء المشروع، وبشكل المنتج النهائي، وبجودة العرض.

وتقترح في دليل الأستاذ والأستاذة شبكات التقويم بأشكاله المختلفة (الذاتي، بالقرين، الأستاذ(ة)، جماعة القسم).

خاتمة

من خلال الأنشطة والمهام المطلوب إنجازها في سياق مشروع الوحدة؛ تصبح عملية التعلم حيوية وديناميكية، وتساعد على انخراط المتعلمين والمتعلمات في حل مشكلات، أو الإجابة عن تساؤلات أصيلة، فيعبرون أثناء ذلك عن معارفهم ومهاراتهم ويتوصلون إلى منتج عام أو عرض يقدمونه لغيرهم داخل المؤسسة أو حتى خارجها، وهكذا يعمقون معرفتهم بالمحتوى ويكتسبون مهارات البحث، والتفكير النقدي، والابتكار، والتواصل، والتعاون.

أضف تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

*