الديداكتيك: من التصور إلى الأجرأة العملية

الديداكتيك: من التصور إلى الأجرأة العملية

تقديم

مازال البحث متواصلا من أجل عقلنة وترشيد العملية التعليمية-التعلمية، وذلك ابتغاء ضبط عوامل تحسين مناخ الفصل ليكون أرضية تعلم ملائمة، لذا أصبحت الحاجة ملحة لإعادة النظر في واقعنا التعليمي، من حيث طرق التدريس المتبعة فيه، مع تغيير طرق التعليم والتربية القائمة على تغييب شخصية ومساهمة التلميذ في إنجاز العمل التعلمي داخل الفصل الدراسي.

إذن، فما المقصود بالديداكتيك؟ وما الفرق بين الديداكتيك العامة والديداكتيك الخاصة؟ وما هي مميزات ديداكتيك مواد وحدة الاجتماعيات (أنموذجا)؟

هذه مجموعة من الأسئلة المتعلقة بقضايا ديداكتيكية في غاية الأهمية، سأحاول من خلال هذه المقالة التربوية الإجابة عنها (قدر الإمكان) وإلقاء بعض الضوء على تشعباتها المختلفة، من غير ادعاء الحصرية والشمول.

يعود إلحاح الباحثين التربويين على التذكير بالديداكتيك كتخصص مستقل إلى عدة أسباب، منها: الإضطراب الذي يعرفه التأليف في هذا الميدان، مما يفقد هذا التخصص مصداقيته ويجعل مواضيعه مشتتة بين علوم التربية. 1

للإحاطة بهذا الموضوع، سأحاول إدراج مجموعة من التعاريف لهذا المفهوم، كما سأتناول مفاهيم أخرى ترتبط به أيما ارتباط، وذلك بغية الإسهام في النقاش الدائر الذي تعرفه منظومتنا التربوية حاليا. وقبل التطرق إلى هذه القضية التربوية، لا بد من التطرق إلى بعض المفاهيم الأساس المتعلقة بالديداكتيك.

مدخل للتعريف بمفهوم الديداكتيك

التعريف اللغوي للديداكتيك

تنحدر كلمة “ديداكتيك La didactique”؛ من حيث الاشتقاق اللغوي من أصل يوناني “didactikos” أو “didaskein” وتعني “فلنتعلم؛ أي يعلم بعضنا بعضا”.

وتعني حسب قاموس “روبير الصغير Le petit Robert”: درَّس أو علم “Enseigner”، ويقصد بها كل ما يهدف إلى التثقيف، وإلى كل ما له علاقة بالتعليم. 2

واستخدمت هذه الكلمة في التربية أول مرة كمرادف لفن التعليم، وقد استخدمها كومينوس أو كامينسكي (Kamensky أو Comenius)، والذي يعد الأب الروحي للبيداغوجيا منذ 1657 م / في كتابه “الديداكتيكا الكبرى Didactica Magana”، حيث يعرِّفها بالفن العام للتعليم في مختلف المواد التعليمية، ويضيف بأنها ليست فنا للتعليم فقط بل للتربية أيضا.

إن كلمة “ديداكتيك” حسب كومينوس تدل على تبليغ وإيصال المعارف إلى جميع الناس. 3

للإشارة نجد في اللغة العربية عدة مصطلحات مقابلة لمفهوم “الديداكتيك” مثل: علم التعليم، تدريسية، ديداكتيكية، تعليمية … وفي هذا الصدد يقول حنفي بن عيسى (2003): كلمة تعليمية في اللغة العربية مصدرها صناعي لكلمة تعليم، وهذه الأخيرة مشتقة من علّم أي وضع علامة أو سمة من السمات للدلالة على الشيء دون إحضاره. 4

التعريف الاصطلاحي للديداكتيك

يقصد بالديداكتيك la didactique (تدريسية، تعليمية …)؛ شق من البيداغوجيا موضوعه التدريس (Lalande, A. 1988) والديداكتيك هي بالأساس، تفكير في المادة الدراسية بغية تدريسها، وهي تواجه مشكلات تتعلق بالمادة وبنيتها ومنطقها.

كما تعني الديداكتيك الدراسة العلمية لتنظيم وضعيات التعلم التي يعيشها المتربي “séduquant”، لبلوغ هدف عقلي أو وجداني أو حسي-حركي. 5

وتهتم الديداكتيك بطرق التدريس وبالبحث عن الممارسات البيداغوجية التي تساعد المتعلم على التحكم في المعارف والمهارات التي هو بصدد تعلمها. فهي إذن دراسة علمية لتنظيم وضعيات التعلم التي يعيشها المتعلم لبلوغ هدف عقلي أو وجداني أو حسي-حركي، حيث يتعين على هذا المتعلم لعب الدور الأساسي.

بمعنى أن دور المدرّس هو تسهيل عملية تعلم التلميذ بتصنيف المادة التعليمية تصنيفا يلائم حاجات التلميذ، ويحدد الطريقة الملائمة لتعلمه وتحضير الأدوات الضرورية والمساعدة على هذا التعلم، ويرى “لوجوندر Legendre” بهذا الصدد، أن الديداكتيك مرتبطة بما يأتي:

  • كل ما هو مدرسي منظم لغرض التعليم؛
  • كل ما يتعلق بتخطيط التعليم مثل أي سيرورة ديداكتيكية؛
  • كل ما يساعد على التعليم (وسائل ديداكتيكية)؛
  • كل ما يسهل التعليم والتعلم (برهنة ديداكتيكية). 6

تعاريف صفوة من الباحثين التربويين لمفهوم “الديداكتيك”

استعملت كلمة “ديداكتيك didactique” منذ مدة طويلة للدلالة على كل ما يرتبط بالتعليم من أنشطة تحدث في العادة داخل الأقسام، وفي المدارس، وتستهدف نقل المعلومات والمهارات من المدرس إلى التلاميذ … لكن ستعرف هذه الكلمة الكثير من التطور، وبالتالي الكثير من التعاريف والتي يمكن حصرها حاليا في اتجاهين رئيسيين:

  • اتجاه ينظر إليها باعتبارها تشمل النشاط الذي يزاوله المدرس، فتكون الديداكتيك مجرد صفة ننعت بها ذلك النشاط التعليمي، الذي يحدث أساسا داخل حجرات الدرس، والذي يمكن أن يستمد أصوله من البيداغوجيا.
  • اتجاه يجعل من الديداكتيك علما مستقلا من علوم التربية. 7

وبالتالي، فالديداكتيك نظريا؛ تهتم بصياغة نماذج ونظريات تطبيقية-معيارية. أما تطبيقها فهي تسعى إلى التوصل إلى حصيلة متنوعة من النتائج التي تساعد كل من المدرس والمؤطر والمشرف … على إدراك طبيعة عملهم والتبصر بالمشاكل التي تعترضهم.

ومن هذا المنطلق، كثرت التعاريف التي تناولت “الديداكتيك”؛ ومن جملة هذه التعاريف ما سنورده على شكل توليفة تتغيا ضبط هذا المفهوم، وذلك وفق مقاربة تبسيطية هادفة:

  • تعريف كومينوس أو كامينسكي (الأب الروحي للبيداغوجيا 1657 م): “الديداكتيك هي الفن العام للتعليم”.
  • تعريف هيربارت (F.herbert,1841): “الديداكتيك نظرية للتعليم، وهي نظرية تخص الأنشطة المتعلقة بالتعليم فقط، أي كل ما يقوم به المعلم من نشاط (تحليل نشاطات المتعلم في المدرسة).
  • تعريف أبلي (Aebli Hans, 1951): “الديداكتيك علم مساعد فقط للبيداغوجيا …”.
  • تعريف جون ديوي (Dewey.J, 1959): “الديداكتيك نظرية للتعلم لا للتعليم”.
  • تعريف أسطولفي (Jasmin.b, 1973): “الديداكتيك ليست حقلا معرفيا قائما بذاته، وقد لا تكون مدعوة لأن تصبح حقلا معرفيا مستقلا … “.
  • تعريف بنشاميل (Pinchemel, 1988): “الديداكتيك مجموع الطرق والأدوات التي تستهدف مساعدة المدرسين على تنظيم تعليمهم وممارسة أفضل لمهنتهم”. 8
  • تعريف غاستون ميالاريه (Mialarret): “الديداكتيك موضوع يهتم بالتدريس ويتخذه هدفا له، وبالتالي فهو يحدد مجموعة من الطرق والتقنيات الخاصة بالتدريس مع تحديد وسائل العملية التعليمية-التعلمية “. 9
  • تعريف بنيامنة صالح (1991م) وتعريف محمد فاتحي (2004م): “الديداكتيك هي الاهتمام بالتفكير في المادة ومفاهيمها، وبناء استراتيجيات لتدريسها”.
  • تعريف أحمد أوزي (2006): “كلمة ديداكتيك اصطلاح قديم-جديد، قديم حيث استخدم في الأدبيات التربوية منذ بداية القرن 17م، وهو جديد بالنظر إلى الدلالات التي ما انفك يكتسبها حتى وقتنا الراهن. فمن خلال التعاريف التي وضعت له في البداية كان معناه فن التدريس، ومنذ ذلك الوقت أصبح مصطلح الديداكتيك مرتبطا بالتعليم دون تحديد دقيق لوظيفته”. 10
  • تعريف الحسن اللحية (2008): “الديداكتيك تأملات ومقترحات حول منهجيات تدريس تخصص معين قصد تحصيل المعارف وتملكها”. 11
  • تعريف محمد الدريج (2000-2004): “نقصد بالديداكتيك أو علم التدريس؛ الدراسة العلمية لطرق التدريس وتقنياته ولأشكال تنظيم مواقف التعلم، التي يخضع لها التلميذ في المؤسسة التعليمية، قصد بلوغ الأهداف المسطرة مؤسسيا، سواء على المستوى العقلي أو الوجداني أو الحسي-الحركي، وتحقيق المعارف والكفايات والقدرات والقيم.

إن الديداكتيك يجعل من التدريس موضعا له، فينصب اهتمامه على نشاط كل من المدرس والتلميذ وتفاعلهما داخل القسم، وعلى مختلف المواقف التي تساعد على حصول التعلم، لذا يصير تحليل العملية التعليمية في طليعة انشغالاته ويستهدف في جانبه النظري صياغة نماذج ونظريات تطبيقية-معيارية، كما يعني في جانبه التطبيقي السعي للتوصل إلى حصيلة متنوعة من النتائج التي تساعد كلا من المدرس والمؤطر والمشرف التربوي وغيرهم. 12

صفوة القول:

  • الديداكتيك هي الدراسة العلمية لمحتويات التدريس وطرقه وتقنياته، ولأشكال مواقف التعلم، التي يخضع لها المتعلم؛
  • الديداكتيك دراسة تستهدف صياغة نماذج ونظريات تطبيقية ومعيارية قصد بلوغ الأهداف المرجوة وتأمل المادة الدراسية من أجل تدريسها.

الفصل بين الديداكتيك العامة والديداكتيك الخاصة

رغم ما يكتنف تعريف الديداكتيك من صعوبات، فإن معظم الدارسين المهتمين بهذا الحقل، لجؤوا إلى التمييز في الديداكتيك بين نوعين أساسيين يتكاملان فيما بينهما بشكل كبير، وهما:

الديداكتيك العامة

تهتم بكل ما هو مشترك وعام في تدريس جميع المواد، أي القواعد والأسس العامة التي يتعين مراعاتها من غير أخذ خصوصيات هذه المادة أو تلك بعين الاعتبار.

إنها بمثابة التكوين الديداكتيكي الأولي للمدرسين والدراسة العملية وخصائص الفعل التدريسي في علاقته بفعل التعلم.

وتسعى الديداكتيك العامة إلى تطبيق مبادئها وخلاصة نتائجها على مجموعة المواد التعليمية، وتنقسم إلى قسمين:

  1. القسم الأول: يهتم بالوضعية التعليمية، حيث تقدم المعطيات التي تعتبر أساسية لتخطيط كل موضوع وكل وسيلة تعليمية لمجموع التلاميذ.
  2. القسم الثاني: يهتم بالديداكتيك التي تدرس القوانين العامة للتدريس بغض النظر عن محتوى مختلف مواد التدريس. 13

الديداكتيك الخاصة أو النوعية:

تهتم بتخطيط التعليم والتعلم الخاص بمادة معينة أو مهارات أو وسائل معينة، مثل ديداكتيك العلوم وغيرها …

أنواع أخرى من الديداكتيك

الديداكتيك الاختباري

يهتم بالمعارف والممارسات الميدانية المتراكمة خلال التكوينات لتوجيه ما ينبغي القيام به فعلا؛ لذلك يعتبر موضوع نظريات الخبراء.

الديداكتيك المعياري

هو وصف لأنشطة المدرسين بغاية الوقوف على التجديدات وتقويم الشروط الممكنة المؤثرة في تحصيل التلاميذ.

الديداكتيك الأساسي

هو دراسة علمية لشروط الإنتاج والتواصل المعرفي المرتبط بالمعرفة المدرسة خاصة، فهو من جهة ثانية رؤية تأملية للنسق الديداكتيكي برمته … 14

ديداكتيك الاجتماعيات

يقصد بديداكتيك الاجتماعيات، “العلوم الاجتماعية” الدراسة العلمية لوضعيات وسيرورات تعليم وتعلم الاجتماعيات قصد تطويرها وتحسينها.

لقد تطور البحث في ديداكتيك الاجتماعيات من خلال أعمال (Yost, 1979) حول طرائق التدريس، وأعمال (Lohsuston, 1972) حول التدريس بالاكتشاف والتدريس بالبراهين وأعمال (Gerly, 1971) حول الطرائق التدريسية والوسائل المساعدة عليها. واهتمت الأبحاث العربية، في هذا الصدد بطرق التدريس ونماذج بناء المنهاج: (أبو الفتوح رضوان / 1962) (أحمد حسين اللقاني ويونس أحمد رضوان 1989)، (جودة أحمد سعادة 1984) (السكران، م: 1989).

وتطورت ديداكتيك الاجتماعيات بالمغرب مع أبحاث امحمد زكور حول ديداكتيك الجغرافيا، وأبحاث محمد فاتحي حول صعوبات التلاميذ في تأويل البيانات والجداول الإحصائية، وأبحاث محمد فتوحي في التربية البيئية. 15

المرجعية الديداكتيك لمادة الاجتماعيات

تتمثل هذه المرجعية في تحديد مكونات فكر المادة، والتي هي أساس منهجي للمعرفة الدراسية ومقوماتها الابستيمولوجية؛ تتمفصل هذه المقومات على مستوى المفاهيم المهيكلة والنهج أي التعليمات المنهجية اللصيقة بالمادة ووسائل التعبير المعتمدة كأدوات تواصلية تساعد على تتبع مسار إنتاج المعرفة ومنتوج المادة المعرفي والمفاهيمي.

المرجعية الديداكتيكية لمادة التاريخ

  • الوظيفة المجتمعية والتكوينية: تنمية الذكاء الاجتماعي والحس النقدي لدى المتعلمين وتربيتهم على معاني وقيم المواطنة.
  • العطاء الابستيمولوجي والديداكتيكي المستمد مما راكمته مادة التاريخ من مكتسبات معرفية ومنهجية.
  • الترابط بين أبعاد التكوين المعرفية والمهارية والوجدانية وتعزيز بناء استقلالية المتعلم(ة).
  • التقاطع والتكامل بين التاريخ ومختلف المواد الدراسية، سواء المتآخية أو غيرها.
  • تحديد كفايات تربوية تقوم على إعمال العقل والتفكير لأجل إنتاج المعرفة التاريخية، بدل استهلاكها جاهزة، الأمر الذي يتطلب تدريب المتعلم على استعمال الأدوات المنهجية لمساءلة الماضي بفكر نقدي يستدمج نسبيته حتى يصبح مؤهلا للتموضع زمنيا ومجاليا. 16

لذا؛ ينبغي ألا تتحول دروس التاريخ إلى عروض مملة، يقتصر فيها دور التلاميذ على استهلاك المعلومات الواردة في ملخصات الأساتذة، وكأنها حقائق مطلقة، مسلم بها …، بل يجب أن تساهم هذه الدروس في تحرير فكر التلاميذ… 17

كما بإمكان تدريس التاريخ المساهمة في تحرير أفكار التلاميذ وجعلهم أكثر حرية واستقلالية وأكثر قدرة على الاختيار السليم بممارستهم للنقد … 18

عندما يهتم الإنسان بتاريخه فهو يهتم بذاته ويشرئب إلى المستقبل، والاهتمام بالتاريخ له أهداف، وهو اهتمام غير مجاني، بل اهتمام نحاول من خلاله بعث تجديد الروح فينا وأن نرى المستقبل … ومن هنا فالدولة التي تبحث عن المستقبل أفضل … لابد لها أن تهتم بالتاريخ… فالكل يعي أهمية المعرفة التاريخية بالنسبة للشعوب. 19

المرجعية الديداكتيكية لمادة الجغرافيا

يتمحور الفكر الجغرافي حول مكونات رئيسية هي:

  • مجالات الجغرافيا؛
  • النهج الجغرافي؛
  • المفاهيم المهيكلة؛
  • وسائل التعبير الجغرافي؛
  • الإنتاجات الجغرافية.

يتم تشكيل المعرفة الجغرافية وفق عدة مستويات؛ تعتمد على مرجعياتها العلمية وإشكالياتها المنهجية وأدواتها وتقنياتها… 20، ومتطاباتها العلمية والديداكتيكية التي يفرضها تدريس المادة، وكذلك الاهتمام بالشبكات المفاهيمية المهيكلية للخطاب الجغرافي. 21

إن الغاية البيداغوجية ومسؤولية الجغرافيا هي إعداد التلاميذ والمراهقين للعيش مع الآخرين في عالم يمنحهم في نفس الآن إمكانيات جديدة للتعبير والإنجاز … وان يتمثلوا المفاهيم الأساسية والتوجهات المنهجية الكبرى للجغرافيا. 22

إن الجغرافيا في حاجة اليوم مثل باقي المواد الدراسية الاخرى إلى إدماج تكنولوجيا المعلوميات والاتصال … التي ينبغي أن تستغل كوسائل ديداكتيكية من قبل المدرس، وذلك بغية إكساب المتعلمين مبادئ التكنولوجيا ومن أجل إدماجهم في المجتمع الرقمي، وبالتالي جعل تكنولوجيا المعلوميات والاتصال محركا للتنمية البشرية. 23

المرجعية الديداكتيكية لمادة التربية على المواطنة (التربية المدنية)

تستمد المرجعية الديداكتيكية لمادة التربية على المواطنة (التربية المدنية) من:

  • الدور الاجتماعي لقيم المواطنة وقيم حقوق الإنسان؛
  • دور قيم المواطنة وحقوق الإنسان في تنمية الحاجيات الشخصية للفرد من خلال التفاعل الإيجابي مع المحيط الاجتماعي؛
  • اعتبار المواطنة مفهوما تحكمه محددات أساسية: (المواطنة تمارس في مجتمع ديموقراطي؛ تشترط المساواة بين كافة المواطنين والمواطنات؛ المواطنة تعلم في أفق ممارسة، فهي التربية على المبادرة والمسؤولية والاستقلالية…). 24
  • تساهم التربية على المواطنة في إرساء قواعد المواطنة الصالحة، لأنها تلقي الضوء على نظم الحكم وما يتصل بها من هيئات وتنظيمات …
  • تسعى إلى إعداد المواطن الصالح الذي يتكيف مع البيئة والمجتمع، أي يعرف حقوقه وواجباته فيمارسها في كل الظروف، ويعرف كيف يواجه المواقف المختلفة؛
  • تساهم في تنمية الاتجاهات نحو الديموقراطية والحرية والانتماء الوطني والقومي …
  • تتميز مادة الاجتماعيات عموما بغنى وتنوع مواضيعها وكونها حلقة وصل بين مجموعة من العلوم الإنسانية، ولها القدرة على تنمية الحس النقدي وتشكيل الهوية وبناء الشخصية. 25

تخريج عام

لا عسف أن الديداكتيك تشتغل كمنظومة، تكون فيها مختلف العناصر في تفاعل مستمر، لذلك قال في شأنها المربي الكبير فيرنيو: الديداكتيك تحليل لمسارات نقل وتملك المعارف.

لذلك، بإمكاننا القول: إن الديداكتيك هي ربط للعلاقات بين مسارات التعليم ومسارات التعلم.

من هنا بات من الضروري اعتماد مرجعيات رصينة ترتكز على مبدأ المعرفة المبنية وليس الجاهزة لتطوير البحث التربوي الوطني، وذلك من أجل تطوير الجوانب الإبستيمولوجية والديداكتيكية لمختلف المواد الدراسية.

خلاصة

إن مواد الاجتماعيات استفادت من تطور البحث التربوي، الذي شكل نتاجا حقيقيا للاصلاحات العميقة التي شهدها النظام التربوي والتعليمي ببلادنا، لكنها مازلت في مسيس الحاجة إلى المزيد من التطوير، وذلك تحقيقا للجودة المنشودة في ميدان التربية والتكوين بالمغرب .

المراجع والهوامش:

  1. ذ. محمد الدريج (2011) “عودة إلى تعريف الديداكتيك أو علم التدريس كعلم مستقل” مجلة علوم التربية، العدد: 47 (مارس 2001) ص: 18
  2. ذ. بنعيسى احسينات (2010)، “حول مقاربة المنهاج الدراسي في مجال التربية والتعليم: من البيداغوجيا والديداكتيك إلى المنهاج الدراسي” الجريدة التربوية، العدد 33 (12 أبريل 2010) ص: 8
  3. ذ. محمد الدريج (2011) مرجع سابق ص: 8
  4. ذ. محمد الدريج (2011) مرجع سابق ص: 9
  5. ذ. عبد الكريم غريب (2006): “المنهل التربوي: معجم موسوعي في المصطلحات والمفاهيم البيداغوجية والديداكتيكية والسيكولوجية – الجزء الأول A-H” منشورات عالم التربية، مطبعة النجاح الجديدة – الدار البيضاء، الطبعة الأولى (2006) ص: 262-264
  6. المملكة المغربية – المجلس الأعلى للتعليم – هيئة تحرير مجلة دفاتر التربية والتكوين (2009): “مفاهيم مفتاحية: الديداكتيك”، مجلة دفاتر التربية والتكوين، العدد: 1 (ملف: العلاقات البيداغوجية والتربوية داخل الفصل الدراسي)، نونبر 2009 – ص: 80
  7. ذ. محمد الدريج (2011) مرجع سابق ص: 7-8
  8. المملكة المغربية وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي – قطاع التربية الوطنية – الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الرباط سلا زمور زعير (2009): “مصوغة فرعية خاصة بمادة التاريخ تخطيط وضعيات تعليمية – تعلمية استنادا إلى الوضعية الديداكتيكية”، إعداد ذ. شكير حسن (فبراير 2009) ص: 3
  9. ذ. عارف عبد العالي (1990): “الطرق الديداكتيكية: محاولة في التصنيف” مجلة الدراسات النفسية والتربوية، العدد الحادي عشر (دجنبر 1990) – ملف العدد: طرق وأساليب في الديداكتيك ص: 23
  10. ذ. محمد الدريج (2011): مرجع سابق: 9-10
  11. ذ.الحسن اللحية (2008): “دليل المدرس(ة): التكويني والمهني”، دار الحرف للنشر والتوزيع – القنيطرة – المغرب، الطبعة الأولى (2008) ص: 249-250
  12. ذ. محمد الدريج (2011): مرجع سابق ص: 11
  13. ذ. محمد الدريج (2011): مرجع سابق ص: 18-19
  14. ذ.الحسن اللحية (2008): مرجع سابق 249-250
  15. ذ. عبد الكريم غريب (2006) مرجع سابق ص: 274
  16. ذ. المصطفى الحسناوي(2009): “بيداغوجيا الكفايات بين التنظير والممارسة الفعلية – الصفية: تحليل النص التاريخي بالثانوي الإعدادي نموذجا ” مجلة الحياة المدرسية، العدد: 16 (أكتوبر 2009) ص31-32
  17. ذ. العربي اكنينح (1993): “توظيف النصوص في تدريس التاريخ” (الدليل التربوي: تدريسية النصوص – الجزء الثاني 1993) تأليف نخبة من الأساتذة – إشراف محمد الدريج، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ص: 176
  18. ذ.مصطفى حسني إدريسي “مساهمة ديداكتيكية في تحليل النص التاريخي” مجلة الدراسات النفسية والتربوية “، العدد: 10 (دجنبر 1989)، ملف العدد : قضايا ديداكتيكية ” ص: 91
  19. ذ. محمد معروف الدفالي (2013) “كلما كثرت أعداد المتعلمين كثرت الحاجة إلى المعرفة تاريخ البلاد، جريدة “بيان اليوم” العدد: 6830 (الجمعة-الأحد : 11-13 يناير 2013)، ص :7
  20. ذ. المصطفى لخصاضي (2012): “تدريس التاريخ والجغرافيا – حقل الجغرافيا: المرجعية الفكرية والممارسة الديداكتيكية “، مطبعة افريقيا الشرق (2012)، ص: 37
  21. ذ. العربي اسليماني (2003): “التمثلات المجالية وديداكتيك الجغرافيا: أية علاقة؟”، مجلة علوم التربية – المجلد الثالث – العدد 25، (أكتوبر 2003) ص: 112-117
  22. بيير كيوليطو (2011): (كتاب: تدريس الجغرافيا في المدرسة “Enseigner la géographie à l’école”) تعريب ذ. محمد خير الدين، مقالة “تدريس الجغرافيا في المدرسة” جريدة “الاتحاد الاشتراكي” العدد 9721 (الخميس 3 مارس 2011) ص :8 (الصفحة الثانية من الملف التربوي)
  23. ذة. نجية مختاري (2013) “تدريس الإعلاميات، أداة في خدمة مواد أخرى أم علم قائم الذات؟” مجلة الإدارة التربوية – العدد: 3 (نونبر 2013) ص: 45
  24. المملكة المغربية، وزارة التربية الوطنية والشباب (2004) – كتاب في رحاب الاجتماعيات للسنة الأولى من التعليم الثانوي الإعدادي “دليل الأستاذ” – مكتبة السلام الجديدة والدار العالمية للكتابة – البيضاء، الطبعة الأولى (1424 هـ / 2003 م) ص:7-8-9
  25. السعيد صنير (2002) “التدريس بالمفاهيم: في سبيل تنظيم واختزال المحتوى المعرفي في مادة التاريخ “المجلة التربوية” تصدر عن الجمعية المغربية لمفتشي التعليم الثانوية – العدد: 8 (مارس 2002) ص: 100-110

الكاتب: مصطفى حسناوي، باحث تربوي وممارس بيداغوجي.

أضف تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

*