
التوجيهات التربوية الخاصة بتدريس مادة الاجتماعيات
تم إدراج مادة الاجتماعيات في برنامج السلك الابتدائي ابتداء من السنة الرابعة، لكن مفاهيمها حاضرة بقوة في المستويات الثلاثة الأولى من السلك الابتدائي خصوصا من خلال دروس الرياضيات (الأنشطة ما قبل عددية ومفاهيم الهندسة والقياس والزمن ...إلخ) ودروس النشاط العلمي (النباتات والضوء والماء والطبيعة وحالات المادة ...إلخ) وكذلك الأنشطة اللغوية.
أسباب إرجاء مادة الاجتماعيات إلى السنة الرابعة ابتدائي
ترجع أسباب إرجاء تدريس مادة الاجتماعيات إلى المستوى الرابع ابتدائي إلى:
- الصعوبات المرتبطة بتعلم الزمن التاريخي وبمفهوم المكان والتموقع فيه؛
- استئناس المتعلم بمفهومي الزمن والمكان قبل السنة الرابعة في مواد الرياضيات والأنشطة اللغوية والنشاط العلمي؛
- يصبح المتعلم في السنة الرابعة مؤهلا للاستئناس بمفهوم الزمن التاريخي؛ وذلك بواسطة أنشطة تعلمية وموضوعات تاريخية مرتبطة بمحيطه؛ مما يمكنه من ربط الأحداث بعضها ببعض، وتلمس -الأحداث- مفهوم المكان ابتداء من المستوى الرابع.
مرجعية الكفايات والقيم في مادة الاجتماعيات
تستوي مادة الاجتماعيات مع باقي المواد في مدخل المقاربة بالكفايات والتربية على الاختيار، كما يعتبر مدخل التربية على القيم عنصرا بارزا في مادة الاجتماعيات، فالتاريخ ينمي الاعتزاز بالوطن والأمجاد، والجغرافيا تعمل على زيادة وعي المتعلم بمحيطه في إطار التفاعل معه، بينما يعمل مكون التربية المدنية على ترسيخ قيم المواطنة وحقوق الانسان واحترام الاختلاف لدى المتعلم بالسلك الابتدائي.
الأهداف العامة لتدريس مادة الاجتماعيات
تهدف مادة الاجتماعيات بالسلك الابتدائي إلى الإسهام في تكوين شخصية المتعلم والمتعلمة من خلال تزويده بما ينمي شخصيته ويجعل منه فردا متفاعلا مع عناصر محيطه بشكل إيجابي، ويتحقق هذا التفاعل بواسطة عوامل منها:
- تعريفه بمقومات محيطه من أجل تهييئه للاندماج فيه، واطلاعه على تاريخ وطنه لاستخلاص مقوماته الحضارية ومميزاته الطبيعية والبشرية والاقتصادية؛ لجعله متشبعا بمبادئ المواطنة، وقادرا على الإسهام في نمو بلاده وتقدمها؛
- إدراكه مفهومي الزمن والمكان ليتموقع فيهما وليفهم الظواهرالطبيعية والبشرية والاقتصادية ويتفاعل معها؛
- وعيه بالحقوق والواجبات نحو وطنه ونحو الاخر ليشارك في مسار التنمية مشاركة واعية؛
- تنمية قدراته العقلية والمهارية وتربيته على القيم ذات الصلة بمادة الاجتماعيات.
المبادئ الموجهة لتدريس مادة الاجتماعيات
المبادئ الموجهة لتدريس مادة الاجتماعيات بالسلك الابتدائي هي:
- تغطية الأبعاد الثلاثة لشخصية المتعلم والمتعلمة (البعد المعرفي والبعد المهاري والبعد الوجداني)؛
- تنمية استقلالية المتعلم والمتعلمة أثناء بناء التعلمات من خلال تنمية الملاحظة والوصف والمقارنة واتخاذ القرارات والمواقف؛
- احترام التدرج في بناء التعلمات (تناول المفاهيم بشكل متدرج يتناسب والنمو العقلي لمتعلمي كل مستوى دراسي)؛
- تخصص السنة الرابعة للإحاطة بالمفاهيم الأولى لمادة الاجتماعيات واكساب المتعلم والمتعلمة القدرة على ملاحظة محيطه الجغرافي والاجتماعي؛
- الخوض في مادة الاجتماعيات بطريقة تستهدف الاكتساب والترسيخ في المستويين الخامس والسادس؛
مثال في مادة التاريخ: يتم الانطلاق من المحيط القريب للمتعلم أوالمتعلمة قصد التوغل التدريجي في الماضي بالمستويين الرابع والخامس، وفي السنة السادسة يتم التطرق لمفهوم الزمن خلال العصر القديم ومختلف حقبه الكبرى نظرا لتقدم النمو العقلي للمتعلم والمتعلمة.
مثال في مادة الجغرافيا: يتم التطرق لمكونات وسط عيش المتعلم والمتعلمة قبل الخوض في ترميز المكان وقراءة الخرائط واستثمارها.
مثال في التربية المدنية: تنطلق من ذات المتعلم وعلاقته بنفسه والاخرين قصد تنظيمها.
- مراعاة التكامل الذي يتجلى من خلال مستويين:
- التكامل الخارجي: حضور مفاهيم مادة الاجتماعيات بقوة في باقي المواد (اللغة العربية، واللغة الفرنسية، والرياضيات، والنشاط العلمي، والتربية الإسلامية ...إلخ).
- التكامل الداخلي: تكامل مكونات مادة الاجتماعيات فيما بينها. مثلا:
- استحضار المحيط في بناء التعلمات بتوظيف بيئة المتعلم من حيث تاريخها، ومميزاتها الجغرافية، ومواردها البشرية والمادية (الطبيعية والاقتصادية) واستثمارها حتى يصبح درس الاجتماعيات قابلا للتحويل في المحيط الاجتماعي والثقافي للمتعلم والمتعلمة؛
- إضفاء الطابع العلمي والعملي على الدروس من خلال إكساب المتعلم والمتعلمة منهجية علمية للتعاطي مع المادة المدروسة، ومهارات خاصة بمكونات مادة الاجتماعيات كالتدوين، والتوثيق، والتوطين، والتاريخ، وتحليل البيانات وتأويلها؛
- ضمانة الاستمرارية في اكتساب التعلمات من خلال الترابط بين برنامج السلك الابتدائي (استئناس) وبرنامج السلك الثانوي الإعدادي (اكتساب) والتأهيلي (ترسيخ)، ويتجلى ذلك في العلاقة بين اكتساب الكفايات المخصصة لكل سلك تعليمي على حدة وتطور هذه الكفايات عبر الأسلاك التعليمية الثلاثة (استئناس - اكتساب - ترسيخ)؛
- اعتبارالمتعلم فاعلا نشيطا في مسار تعلمه وذلك باعتماد طرق نشيطة واستراتيجيات بيداغوجيات محفزة؛
- تنويع الدعامات، والوسائل، وفضاءات التعلم لضمان تعدد مصادر المعرفة المرتبطة بمادة الاجتماعيات وسبل اكتسابها وإعطاء معنى للتعلمات؛
- الانطلاق في كل الأنشطة التعليمية التعلمية من دعامات ديداكتيكية؛ لجعل المتعلم فاعلا أساسيا في مختلف الوضعيات والمواقف؛
- اعتبار اكتساب المعرفة فرصة لتعلم المهارات وتبني المواقف (معرفة تاريخ الأسرة والمدرسة يمكن اسثتمارها في اكتساب مهارة رسم وقراءة الخط الزمني، والتمرن على دراسة الوثائق، وتبني قيم إيجابية اتجاه الأسرة والمدرسة)؛
- استحضار البعد المنهجي والروح النقدية في تناول محتويات مكونات مادة الاجتماعيات.
التكامل بين التاريخ والجغرافيا: فالأحداث التاريخية توضع على خريطة جغرافية ...إلخ
التكامل بين التاريخ والتربية المدنية: مثل التعرف على تاريخ الوطن والاعتزاز به ...إلخ
التكامل بين الجغرافيا والتربية المدنية: مثل الإهتمام بالمحيط الطبيعي للمتعلم والمتعلمة وتنمية قيم المواطنة إلخ...
التوجيهات المنهجية الخاصة بتدريس مادة الاجتماعيات
يرتكز التصور العام لمنهجية تدريس مادة الاجتماعيات على:
- اعتبار مختلف دروس مادة الاجتماعيات أنشطة تعلمية تقتضي حث المتعلم(ة) على التفاعل من أجل البحث عن المعلومة، واكتساب المهارة، وتبني الموقف المستهدف (الإسهام في بناء الدرس)، أما المدرس فهو مرشد ومدبر للزمن وميسر للتعلم.
- الانطلاق من المحيط الاجتماعي والطبيعي للمتعلم لبناء التعلمات، مثلا:
- مفهوم الماضي يأخذ بعده الحقيقي من خلال دراسة وثائق مرجعية أصلية.
- تكون المفاهيم الجغرافية أوضح إذا تفاعل المتعلم مع بيئته.
- يتبنى المتعلم مواقف نبيلة حينما يوضع أمام وضعيات من واقعه المعيش تستهدف إحداث تغيير في سلوكاته.
- اعتماد الوثائق حوامل للتعلمات (في حال العجز عن توفير وضعيات حقيقية) وتدريب المتعلم(ة) على استنباط المعلومة منها عن طريق الملاحظة والمقارنة والتحليل.
خلاصة
إن هذه العناصر الثلاثة (التوجيهات المنهجية) تسعى إلى تعويد المتعلم(ة) على التعلم الذاتي والاستقلال عن الاخر. ورغم اختلاف مضامين المكونات الثلاثة لمادة الاجتماعيات، إلا أن طرق تدريسها تلتقي في جانب مهم جدا يتمثل في دراسة الوثائق عبر التدرج وفق الخطوات المنهجية التالية:
- تقديم الوثيقة عند الحاجة البيداغوجية.
- وضعها في سياق من شأنه أن يساعد على قراءتها وفهمها.
- تأطيرها بأسئلة وتوجيهات حتى تستجيب للغاية من استعمالها.