التقويم التشخيصي وتقويم المستلزمات

تقديم

يعتبر التقويم التربوي أحد المكونات الأساسية والمرتكزات الهامة، التي تقوم عليها منظومة التربية والتكوين، والتي تهدف إلى الكشف عن طبيعة ومواصفات العملية التربوية، وكذا قدرات وكفاءات المدرسين، وطرائق إنجاز الفقرات والمقررات الدراسية، ومعرفة مدى قدرات التحصيل الدراسي لدى المتعلمين.

وتخصص الحصص الدراسية الأولى للتقويم التشخيصي لتقويم مكتسبات المتعلمين، بما يضمن شروط إنجاز جيدة لتصريف البرامج المقررة؛ لإرساء ثقافة تقويمية تنبني على أدوات علمية، تمكن من المساعدة على اتخاذ قرارات ناجعة بناء على معطيات واقعية، تتسم بالموثوقية والمصداقية، من شأنها أن تساهم في إيجاد الحلول المناسبة لمجموعة من معيقات التعليم والتعلم، وبالتالي تجاوز الصعوبات والتعثرات الدراسية التي تعوق تحقيق الجودة المطلوبة في النظام التربوي.

التقويم البيداغوجي

تعريف

التقويم كما عرفه الدليل البيداغوجي للتعليم الابتدائي، هو: “سيرورة منهجية تتوخى تقدير التحصيل الدراسي لشخص معين، وتشخيص صعوبات التعلم التي تعيق نموه المعرفي، وذلك بالنظر إلى الأهداف المسطرة؛ بهدف إصدار الحكم المناسب واتخاذ أفضل القرارات المتعلقة بتخطيط المستقبل الدراسي للمتعلم”.

الخطوات الأساسية للتقويم البيداغوجي

  1. تحديد ما نريد تقويمه بدقة: تحليل دقيق للبرامج والمناهج من حيث البناء والتصور.
  2. بناء أدوات التقويم: الروائز.
  3. تجريب أو تمحيص الأدوات.
  4. تمرير الرائز.
  5. جمع المعطيات، ومسكها، وتحليل النتائج، واتخاذ قرارات في علاقتها بالهدف من التقويم ونوعه.

التقويم التشخيصي للمستلزمات

يسعى التقويم التشخيصي للمستلزمات إلى تشخيص تحصيل التلاميذ في بداية السنة الدراسية، بالنظر إلى الموارد المعرفية، والمهاراتية، والكفايات الأساسية المحددة في المناهج الدراسية والمرتبطة بالمستويات الدراسية السابقة، والتي تتأسس عليها التعلمات في المستويات الدراسية الحالية.

وتعتمد نتائج هذا التقويم في تخطيط وإنجاز التدخلات التصحيحية الملائمة؛ لتمكين كل متعلم من معالجة مضامين وكفايات المستوى الدراسي الحالي، والتحكم فيها دون صعوبات كبيرة.

مفهوم التقويم التشخيصي

تعريف

نوع من أنواع التقويم المعتمدة في سيرورة الفعل التعليمي التعلمي، حيث يمرر في بداية السنة الدراسية؛ ويهدف إلى توفير بيانات ومعطيات عن عناصر جماعة الفصل الملتحقين بالمستوى الدراسي الجديد، وتشخيص مكتسباتهم وخبراتهم حتى يتسنى تصنيفهم، عند البدء في تنفيذ هذه البرامج، حسب مؤهلاتهم وقدراتهم وحاجاتهم التعلمية؛ وبالتالي اتخاذ الإجراءات العلاجية الضرورية للتقليص من حدة التعثرات والصعوبات المرصودة، قبل استئناف البرنامج الجديد في أفق تصريفه بشكل موفق يضمن جودة التعلمات.

أهمية التقويم التشخيصي

أهمية التقويم التشخيصي بالنسبة للمدرسة

  • يشخص الواقع التعليمي؛
  • يساعد في تهيئة البرامج العلاجية للمدرسة.

أهمية التقويم التشخيصي بالنسبة للإدارة والإشراف التربويين

  • يساعد في تعرف نقاط القوة والضعف في أساليب تدريس الأساتذة؛
  • يساعد في تحديد جوانب المحتوى الدراسي التي تحتاج إلى إجراء تعديل أو تطوير؛
  • تزويد المفتش التربوي بمعلومات حول مستوى التحصيل القبلي عند التلاميذ والأساليب المعتمدة والطرائق المنتهجة.

أهمية التقويم التشخيصي بالنسبة للأستاذ(ة)

  • يزوده بمعلومات عن مستوى أداء التلاميذ وعن نتائج التعلم المرغوبة؛
  • يساعده على وضع الخطط المناسبة لتعزيز نقاط القوة ومعالجة نقاط الضعف لديه أو لدى تلاميذه.

أهمية التقويم التشخيصي بالنسبة للتلميذ

  • يزوده بالتغذية الراجعة التي تفيده في توضيح مدى التقدم الذي أحرزه؛
  • ينمي شعوره بالمسؤولية تجاه ما يتعلمه؛
  • يساعده في العمل على معالجة نقاط ضعفه.

خصائص التقويم التشخيصي

  • يتم في مستهل الموسم الدراسي للتثبت من توفر المستلزمات القبلية لمتابعة الموسم الدراسي الجديد، والقيام بدعم وقائي قبل الشروع في برنامج المستوى الدراسي الجديد؛
  • يتم من خلال رصد التقاطعات بين برنامج السنة الدراسية المنصرمة والسنة الدراسية الحالية، وذلك بتحليل التعلمات المستهدفة في المستويين؛
  • يتم انطلاقا من تحديد التعلمات الأساس الضرورية ليتمكن المتعلم من تعلم محتويات البرنامج الجديد بكيفية عادية.

أهداف التقويم التشخيصي

  • الكشف عن تعثرات المتعلمين؛
  • التعرف على مدى تملك المتعلمين للموارد اللازمة لمباشرة التعلمات المرتبطة بمستوى دراسي معين؛
  • الكشف عن الأخطاء التي قد ارتكبها المتعلمون أثناء معالجتهم للوضعيات التقويمية؛
  • تجميع المعطيات وقياسها لإصدار حكم قيمة واتخاذ قرار يتمثل في برمجة خطة للدعم (الوقائي / العلاجي)؛
  • العمل على تطوير الممارسات الصفية، وتوفير الإمكانات اللازمة للتعلم، والحرص على انتقاء الطرائق البيداغوجية الملائمة للفئة المستهدفة بناء على النتائج المحصل عليها.

مخرجات التقويم التشخيصي

  • جرد شامل للأخطاء المرتكبة والتعثرات؛
  • تصنيف هذه الأخطاء وفق التالي:
    • الخطأ
    • نوعه
    • مصدره المحتمل
    • تحديد الأسباب الممكنة
  • تقسيم جماعة القسم إلى مجموعات حسب نوع الأخطاء المرتكبة لإنجاز الدعم؛
  • تخطيط أنشطة الدعم وإنجازها.

العدة البيداغوجية للتقويم التشخيصي

الإطار المرجعي

الإطار المرجعي أداة منهجية تتضمن تعبيرا واضحا للكفايات والأهداف المحددة في البرامج الدراسية السابقة، والتي يتعين على المتعلمين التحكم فيها للتمكن من بناء كفايات برامج المستويات الحالية.

توظف الأطر المرجعية في بناء روائز التقويم التشخيصي المتعلقة بمختلف المواد؛ وذلك استنادا إلى المعايير التالية:

التغطية

أن يغطي الرائز كل المجالات الواردة في الإطار المرجعي.

التمثيلية

أن يلامس الرائز المستويات المهارية ودرجات أهمية المجالات الواردة في الإطار المرجعي.

المطابقة

أن تكون الوضعيات الاختبارية مطابقة للأهداف التقويمة كما هي واردة في الإطار المرجعي، على ثلاثة مستويات:

  • الكفايات والمهارات؛
  • المضامين والمحتويات المعرفية؛
  • شروط الإنجاز.

الرائز

الرائز هو أداة قياس تقويمية تمكن من تقديم معطيات نوعية وكمية على مستوى التحصيل الدراسي للمتعلمين، يتكون من عدة كواشف (أسئلة ووضعيات اختبارية) تقيس مختلف الجوانب الشخصية للمتعلم.

وهذه مواصفات الرائز الجيد:

التغطية

أن يغطي كل المجالات الواردة في الإطار المرجعي.

التمثيلية

أن يلامس المستويات المهارية ودرجات أهمية المجالات الواردة في الإطار المرجعي.

المطابقة

أن تكون الوضعيات الاختبارية مطابقة للأهداف التقويمة كما هي واردة في الإطار المرجعي.

الموضوعية

فهم المتعلمين للأسئلة والتوجيهات فهما مطابقا لمراد واضع الرائز.

الصدق

قياس الرائز فعليا للمطلوب قياسه.

الثبات

استقرار النتائج عند إعادة إنجاز الرائز في ظروف مشابهة.

سهولة التطبيق

تدرج الأسئلة مع مدة زمنية كافية.

وفيما يلي إرشادات حول تمرير الرائز التشخيصي:

  • إخبار المتعلمين بموعد تمرير الرائز تفاديا للغياب؛
  • تمكين المتعلمين المتغيبين من فرصة إجراء الرائز في وقت لاحق؛
  • تحسيس المتعلمين وتوعيتهم بأن الرائز لا يتعلق بأي نقطة أو إشهاد، بغية عدم تعريضهم لأي ضغط نفسي؛
  • تحضير المتعلمين لاجتياز الرائز (10 دقائق)، من خلال مساعدتهم على تتبع التعليمات حتى يتمكنوا من استيعاب طريقة الإجابة عن الأسئلة؛
  • قراءة نماذج من تعليمات الروائز الموجودة بين أيدي المتعلمين، وهي أمثلة تمثل مختلف أصناف الأسئلة التالية: سؤال اختيار من المتعدد أو سؤال من صنف الوصل أو سؤال مفتوح أو غير ذلك؛
  • يجب التحقق من أن كل المتعلمين قد فهموا المطلوب منهم وأنهم مستعدون لمباشرة للإجابة عن أسئلة الرائز.

شبكة التصحيح

تعتبر الوثيقة المؤطرة لعملية تصحيح الروائز التشخيصية، تضم مفتاح التصحيح وسلالم تنقيط الأسئلة، وهي أداة خاصة بالأسئلة الموضوعية.

ويجب الإشارة، عند إعداد شبكة التصحيح، إلى السؤال المعني بدقة كاملة، وتحديد الجواب الصحيح مسبقا. وتعتمد المنهجية التالية في ترميز الأجوبة:

  • 0: للجواب الخاطئ؛
  • 2: للجواب الصحيح؛
  • 1: للجواب الصحيح جزئيا، خاصة في حالة سؤال الوصل أو السؤال الذي يطلب جوابا قصيرا.

شبكة استثمار نتائج الرائز التشخيصي

تسثمر معطيات الرائز التشخيصي بواسطة شبكة خاصة ذات طبيعة تقنية إحصائية، تمكن من معرفة صعوبات التحصيل لدى كل متعلم من جماعة الفصل على حدة، كما تمكن الأساتذة من تفييئ المتعلمين حسب صعوبات التحصيل لديهم، بالإضافة إلى تحديد المجالات ذات الأولوية للتدخلات التصحيحية، في صيغة أنشطة للدعم والتقوية مخطط لها بشكل ناجع ومعقلن.

الدعم البيداغوجي والدعم الوقائي

قبل الحديث عن الدعم البيداغوجي والدعم الوقائي، سنتعرف أولا عن التعثر الدراسي.

التعثر الدراسي

إخفاق مؤقت للمتعلم في تحقيق إنجاز مرتبط بتعلم منعزل ومحدود من حيث الزمن والموضوع.

الدعم البيداغوجي

تعريف

مجموعة من التدخلات والعمليات والإجراءات في شكل أنشطة تكميلية أو تصحيحية، تلي مرحلة التقويم، تستهدف تمكين المتعلمات والمتعلمين، المتعثرين دراسيا، من تجاوز الصعوبات الذاتية والموضوعية التي تواجههم أثناء العملية التعليمية التعلمية، حتى يتأتى لهم متابعة دراستهم بصورة طبيعية وبالتالي وقايتهم من الرسوب والفشل الدراسي.

الدعم الوقائي

تعريف

إجراء بيداغوجي له ارتباط وثيق بالتقويم التشخيصي، يروم الوقاية من التعثر قبل بدء عملية التعليم والتعلم، يقوم المدرس من خلاله بتدخلات وإجراءات داعمة ووقائية، في حالة رصد تعثرات يمكن أن تعطل عملية اكتساب المتعلمين لتعلمات جديدة.

أهداف الدعم الوقائي

لا تختلف كثيرا أهداف الدعم الوقائي عن أهداف الدعم البيداغوجي عموما، وتتجلى في:

  • تجاوز مكامن النقص ومعالجة كل أشكال التعثرات التي يعاني منها المتعلمون، والتي يمكن أن تساهم في تعطيل اكتسابهم لمعارف ومفاهيم جديدة؛
  • تيسير استئناف تعلمات جديدة بشكل موفق وبصعوبات أقل؛
  • الوقاية من الهدر المدرسي بكل مظاهره: التكرار، الانقطاع …؛
  • تيسير عملية الربط بين التعلمات السابقة (المكتسبات) والتعلمات الجديدة؛
  • تيسير اندماج المتعثرين أو الذين يبدون بعض النقائص ضمن جماعة الفصل، وتمكينهم من التعلم والاكتساب بشكل سلس؛ وبالتالي خلق قسم مندمج ومتوازن على مستوى التعلمات والمعارف.

خاتمة

إن غالبية وضعيات التقويم التشخيصي تركز على ما تلقاه المتعلم في الموسم السابق مع استحضار وضعيات الموسم الجديد. وعادة ما ينجز تقويم المستلزمات أو التقويم التشخيصي بداية كل موسم دراسي أو عند نهاية برنامج والتحضير لبداية تكوين جديد؛ بناء على اختبار تستثمر نتائجه، على مستوى الفصل وعلى مستوى المؤسسة، استثمارا يشكل تحليل معطياته نقطة انطلاق بناء مشروع مؤسسة يراعي:

  • تنويع التنظيم البيداغوجي (جداول حصص مرنة)؛
  • تشكيل المجموعات استنادا إلى الحاجيات (مجموعات الحاجات)؛
  • تنويع التدخلات والأدوات.

أضف تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*

*