تعريف النمو
النمو ظاهرة عامة لدى جميع الكائنات الحية، يتميز بظهور تغيرات وتبدلات تطرأ على الكائن الحي. والنمو، عامة، ظاهرة غير عشوائية أوصدفوية أوفجائية؛ فهي ظاهرة منتظمة تخضع لشروط متلاحقة أو متسلسلة منسجمة.
يتميز النمو بالنمو التكويني (التكوين الجسمي) والنمو الوظيفي (نمو أعضاء معينة في مراحل معينة).
للنمو عدة محددات عامة هي:
- النمو عملية مستمرة ومنتظمة لا تتوقف إلا بوجود عائق ما، وهذا لا يعني أن المرحلة اللاحقة تلغي سابقتها.
- النمو تغيير في الكم والكيف كالزيادة في الوزن والقدرة على التحكم في الأعضاء أو انعدامها.
- اللاتكافؤ في نمو الأعضاء: هناك أعضاء تنمو بسرعة وأخرى بطيئة النمو.
- النمو يسير من العام إلى الخاص كمثل الطفل الذي يتحرك بكامل جسمه في مرحلة معينة من أجل أخذ اللعبة، ثم ما يلبث أن يمد يده إليها في مرحلة لاحقة.
- وجود فروق فردية في النمو لاختلاف أنماط التغذية والوسط والوراثة والبيئة.
رائد علم نفس النمو المعرفي
رائد علم نفس النمو المعرفي هو جون بياجي، حاصل على دكتوراة في العلوم الطبيعية. اهتم بالذكاء، وبالطفولة، وبالنمو المعرفي.
ولد جون بياجي في سنة 1896 بسويسرا، واهتم بالطريقة التي تعمل بها البيئة الطبيعية وهو لا يزال في سن مبكرة. في سن الثالثة عشر كتب بياجي مقالته الأولى، ونال الدكتوراة في علم الأحياء وهو في الثانية والعشرين من عمره.
في سنة 1924 نشر بياجي كتاب اللغة والفكر عند الطفل، وكتاب الحكم والتفكير الاستدلالي عند الطفل. وهذان الكتابان لم يقوما بتحديد أوجه الاختلاف في التفكير ما بين الطفل والإنسان البالغ فحسب، ولكنهما أوضحا كيف يتطور نمو تفكير الطفل في اتجاه أنماط تفكير البالغين كذلك.
وهناك كتابان من كتبه بنيا على ملاحظاته لأطفاله الثلاثة: أولهما كتاب أصل الذكاء عند الطفل، وثانيهما بناء الحقيقة عند الطفل. وقد أرسى هذا الكتابان دعائم عبقرية بياجي القائمة على المثابرة وبذل الجهد في ملاحظة تطور الطفل، مع فهم المضامين العميقة لما يلاحظه.
نظرية جون بياجي في النمو المعرفي
ترى نظرية بياجي في النمو المعرفي أن النمو عملية ارتقائية موصولة من التغيرات التي تكشف عن إمكانات الطفل. وركز جون بياجي على أهمية إكساب الطفل الخبرات التعليمية المختلفة، التي تساعدهم على اكتساب المفاهيم المختلفة خلال طفولتهم.
كما يرى بياجي بأن التفكير ينمو لدى الطفل تدريجيا؛ لذلك ما نراه سهلا لدى الراشد يكون صعبا لدى الطفل، كونه يحتاج إلى مقدمات وحقائق أولية تعتبر متطلبا أساسيا للإدراك.
ولكن قد يكون تقديم هذه الحقائق والمقدمات الأساسية للطفل عديم الفائدة؛ لأن الطفل غير جاهز لتعلم المفهوم بعد. لذلك طور بياجي نموذجا يبين كيف يتطور فهم الفرد لما حوله.
العوامل المؤثرة في النمو المعرفي
النضج البيولوجي
يعد النضج البيولوجي من أهم العوامل التي تؤثر في طريقة فهمنا للعالم من حولنا، وهو تغير جيني موروث ضمن السلسلة النمائية التي يمر بها الكائن الحي. وهذا العامل يرثه الفرد منذ لحظة التكوين، ولا يمكن له أن يغير أو يبدل فيه.
التوازن
يحدث التوازن عندما تتفاعل العوامل البيولوجية مع البيئة الفيزيقية. فكلما نما الفرد جسديا كانت قدرته على الحركة والتفاعل مع المحيط الذي حوله أفضل، ومع التجريب والفحص والملاحظة تتطور عملياتنا العقلية. وإن التغيرات الحقيقية في التفكير تحدث من خلال عملية التوازن، والتي تمثل نزعة الفرد لتحقيق التوازن.
والتوازن هو المسؤول عن نمو التفكير وتطور الحصيلة المعرفية؛ لذلك لا بد من تمتع الطفل بالنشاط والحيوية حتى يكون أقدر على تحقيق عملية الاتزان. ولهذا فإن بياجي يرى بأن الإنسان السلبي لا يكتسب المعرفة.
الخبرات الاجتماعية
يؤدي النضج إلى زيادة القدرة على التفاعل مما يؤدي إلى اكتساب الخبرات من الآخرين، والاستفادة من سلوكياتهم، حيث أن الطفل يعمل على تبادل المعلومات مع الراشدين، ويحاول أن يوائم سلوكه مع أنشطة الآخرين الذين يحتلون مكانة في حياته. حيث أن هذا التفاعل بين النضج والنشاط وما يترتب على ذلك من معلومات يكتسبها الطفل تؤثر تأثيرا حاسما على مراحل النمو المعرفي التي يمر بها.
خصائص الطفل المعرفية
التمركز حول الذات
وهي حالة ذهنية تتسم بعدم القدرة على تمييز الواقع من الخيال، والذات من الموضوع، والأنا من الأشياء الموجودة في العالم الخارجي. وأن الطفل ينظر إلى الأمور والمحيط من خلال عالمه الخاص ومن منظوره الخاص، بناء على مخططاته المعرفية وقدراته العقلية.
الإحيائية
يضفي الطفل الحياة والمشاعر على كل الأشياء الجامدة والمتحركة، فالشيء الخارجي يبدو له مزودا بالحياة والشعور، كتعامله مثلا مع الدمية على أنها كائن حي.
الاصطناعية
يعتقد الطفل أن الأشياء في الطبيعة من صنع الإنسان لذلك فإنها تتأثر برغباته وأفعاله.
الواقعية
يدرك الطفل الأشياء عن طريق تأثيرها الظاهر أو نتائجها المحسوسة، ولا يربطها بأسبابها الحقيقة. فهو يكتفي بالفعل المحسوس، ويتقبله بدون البحث عن علاته وأسبابه.
النزعات الأساسية في التفكير عند بياجي
التكيف
هو نزعة موروثة، حيث يميل الكائن الحي إلى مواءمة نفسه مع البيئة التي يعيش فيها، وهذا التكيف مفهوم معروف لدى علماء الأحياء منذ أكثر من مئة عام. ولكن الإسهام الحقيقي لبياجي يتمثل في وصف التكيف وفي تجزئته إلى:
التمثل أو الاستيعاب
عبارة عن الطريقة العقلية التي بواسطتها يقوم الفرد بدمج الأمور الإدراكية الجديدة أو الأحداث المثيرة في المخططات العقلية الموجودة عنده، أي تحويل الخبرات والأفكار الجديدة إلى شيء يناسب التنظيم المعرفي الذي يمتلكه الفرد ودمجها في هذا التنظيم. فالتمثل بهذا المعنى هو تغيير الواقع الخارجي ليتناسب مع البيئة المعرفية القائمة عند الفرد.
فمثلا، الأم التي سبق وأن علَّمت طفلها كلمة عصفور فإنه يقول عصفور عندما يرى العصفور يطير، وفي أحد الأيام وعندما كان يتنزه في الحديقة رأى فراشة تطير من حوله، فقال لأمه انظري هذه عصفور. إنه بذلك تمثل الفراشة، أي غير من خصائصها لتناسب الصورة التي توحي له أن كل ما يطير عصفور.
ومثال آخر على ذلك، إذا عُرِضَ كلب على طفل وقيل له هذا كلب، فإنه يتمثله ويدخله في بنيته المعرفية كمعرفة جديدة، وإذا عُرِضَ عليه قط أو أرنب فسيقول عنهما أنهما كلب؛ وذلك لأنه لم يَتَعَلَّم بَعْدُ أَنَّ هذا أرنب وهذا قط، فهو يحاول أن يستوعبهما بناء على ما مر عليه من قبل من خبرات، والتي تتمثل هنا بتعلم الكلب.
المواءمة والملاءمة
وهي نزعة الكائن إلى تعديل وتغيير في بناه العقلية وأنماطه المعرفية السائدة؛ لكي يتكيف مع مطالب البيئة الخارجية. بمعنى أنه يتم تكيف النمط المعرفي الداخلي للفرد ليتلاءم مع عناصر البيئة.
ففي مثال العصفور السابق، عندما تقول له أمه: “هذه فراشة وليست عصفورا” تتولد لديه معرفة جديدة، فيقول: “ليس كل ما يطير عصفورا”، أي أنه يبدأ بتغيير المعارف الداخلية لديه لتتناسب مع المثيرات الجديدة التي يتعرض لها، فيبدأ بتمييز العصفور من الفراشة من الصقر، وهذه العملية تسمى المواءمة.
التوازن
هو عملية تنظيم داخلية ترتبط بمفهوم التكيف عند الفرد، ونعني به العملية التي تحفظ التوازن بين التمثل والمواءمة أثناء تفاعلهما معا.
يُعتبر النمو العقلي أو المعرفي في نظرية بياجي، أثناء التعامل مع البيئة، عبارة عن سلسلة من عمليات اختلال التوازن واستعادة التوازن؛ وذلك باستخدام عمليتي التمثل والمواءمة بصورة متكاملة. ويحدث الانتقال من مرحلة نمائية عقلية إلى المرحلة التي تليها بصورة تدريجية نامية.
وهكذا فإن الفرد يدرك البيئة من خلال بناه العقلية، ويحدث اختلال التوازن عنده عندما لا تسعفه هذه الأخيرة بإدراكها (البيئة) بشكل واضح، مما يؤدي إلى عملية المواءمة، ويتم ذلك باكتساب وتعلم بنى عقلية أو استراتيجيات جديدة تساعد الكائن على استعادة التوازن. ويحتفظ الكائن بهذا التوازن إلى أن يواجه مواقف جديدة أخرى، فيختل توازنه من جديد، ثم يعمل على استعادته من جديد، وهكذا يتعلم ويكتسب، فيرقى من مرحلة نمائية إلى مرحلة نمائية أخرى.
إذن، عملية التوازن تبدأ ببعض الاضطراب، إذ يشعر الإنسان أن هناك شيئا ليس على ما يرام، فيحاول العمل من أجل التخفيف من حدة هذا الاضطراب، سواء بما يتوفر لديه من معلومات (المواءمة أو الملاءمة)، أو بتعلم معلومات جديدة (التمثل أو الاستيعاب).
التنظيم
يرى بياجي أن الناس يولدون ولديهم النزعة لتنظيم العمليات الفكرية لتصبح بنى وتراكيب معرفية، حيث تلعب هذه البنى والتراكيب دورا مهما في فهمنا للعالم الخارجي.
تشير التراكيب المعرفية لدى الطفل إلى القدرات العقلية لديه، حيث تقرر هذه التراكيب ما يمكن استيعابه في زمن محدد. والتراكيب المعرفية تمثل الخبرات التي تم تطويرها من خلال تفاعل الفرد مع البيئة والظروف المحيطة، وتراكيب الفرد تراكمية عبر سنين حياته. وقد تكون هذه التراكيب حسية إذا كانت المرحلة النمائية للفرد تقع ضمن المرحلة الحسية، وتكون رمزية إذا كانت مرحلة الفرد النمائية هي مرحلة التفكير المجرد. والتراكيب العقلية تتغير مع العمر نتيجة تفاعل الفرد مع البيئة، وكلما نما الفرد كان تفاعله مع البيئة أكثر خصوبة.
بينما يشير البناء العقلي إلى حالة التفكير التي توجد لدى الفرد في مرحلة ما من مراحل حياته. وأطلق بياجي على هذه البنى المخططات العقلية، وهي عبارة عن أنظمة متسقة من الأفعال والأفكار تسمح لنا بتمثيل الأشياء والأحداث ذهنيا؛ لتصبح جزءا من المكونات المعرفية لدينا.
قسم بياجي المخططات العقلية إلى قسمين:
- بسيطة، ومحدودة، وصغيرة كالتعرف على أنواع الفواكه.
- واسعة، وعامة كعمليات التصنيف والتركيب والتحليل.
الاحتفاظ
ويعني احتفاظ الشيء ببعض خواصه بالرغم من تغيره الظاهري أو الشكلي، وقد عبر بياجي عن ذلك بقوله “تتغير باستمرار وتبقى هي هي”، والاحتفاظ هو مفتاح العمليات الحسية. أما أنماط الاحتفاظ فهي:
- حفظ العدد: يبقى عدد عناصر المجموعة كما هو حتى لو أعيد ترتيبها. (6-7 سنوات)
- حفظ المادة: تبقى كمية المياه كما هي حتى لو اختلف شكلها. (7-8 سنوات)
- حفظ الطول: يبقى مجموع أطوال خط ما ثابتا حتى لو قطع ورتب من جديد. (7-8 سنوات)
- حفظ الوزن: يبقى الوزن كما هو حتى لو تغير شكله. (9-10 سنوات)
- حفظ الحجم: تبقى كمية سائل ما ثابتة بغض النظر عن الشكل الذي يأخذه هذا السائل، أي يبقى حجم المادة ثابتا رغم تغير شكله. (أكثر من 10 سنوات)
تعريف المرحلة المعرفية أو العقلية
المرحلة المعرفية، حسب بياجي، تعني نمطا من التراكيب المعرفية، والعمليات العقلية، والمفاهيم التي تظهر لدى الأطفال في مرحلة عمرية، والتي تختلف عنها لدى الأطفال في مرحلة عمرية أخرى. ولا بد من التتابع، إذ لا يمكن للطفل أن ينتقل إلى مرحلة دون أن يمر بالمرحلة السابقة لها. والتقدم الذي يحرزه عبر هذه المراحل يقرر قدرته على التكيف مع البيئة.
مراحل النمو المعرفي عند بياجي
وصف بياجي أربعة مراحل أو فترات من النمو المعرفي، تمر بها عملية النمو العقلي عند الإنسان.
وتتسم التغييرات داخل كل مرحلة بأنها تغييرات كمية وخطية، بينما تتسم التغييرات من مرحلة إلى أخرى بأنها تغييرات كيفية ونوعية، وتتبع تلك التغيرات تسلسلا للتقدم من مرحلة إلى أخرى، أي أن الطفل يجب يجتاز مرحلة لكي يتقدم إلى أخرى.
وتحتوي كل مرحلة على مخططاتها التي يتم مواءمتها وتغييرها على مستوى كل مرحلة بعينها.

المرحلة الحسية الحركية
تمتد هذه المرحلة من الولادة إلى نهاية السنة الثانية تقريبا، حيث تمثل الصورة المبكرة للنشاط العقلي للطفل الرضيع، ويحدث التعلم بشكل رئيس في هذه الفترة عبر الإحساسات والمعالجات اليدوية، وهي عبارة عن أفعال انعكاسية فطرية لا إرادية كظاهرة المص، ثم تتحول تدريجيا إلى السلوك الإرادي.
ويغدو الطفل قادرا على التحرك نحو هدف معين والإمساك بالأشياء، أو تقليد الأصوات والحركات، وذلك من خلال تحسن قدرته على تنسيق حواسه المختلفة، حيث يحدث نوعا من التآزر البصري السمعي والبصري اللمسي، إذ يتعلم الطفل تدريجيا الإمساك بالأشياء التي يراها، والنظر إلى مصادر الأصوات التي يسمعها، ويغدو في نهاية هذه المرحلة قادرا على إنجاز التناسق الحسي الحركي على نحو جيد، الأمر الذي يمكنه من أداء الحركات الجسمية بسهولة ودقة نسبيتين.
ويتعلم الطفل في هذه المرحلة تمييز المثيرات، ويكتسب في نهايتها تقريبا فكرة ثبات أو بقاء الأشياء، إذ لم يعد وجود الأشياء مرتبطا بإدراكه الحسي لها، فالأشياء موجودة ولو لم يدركها حسيا. ويتضح نمو المخطط بقاء الأشياء من خلال بحث الطفل عن الأشياء غير الموجودة في مجاله البصري.
ويبدأ الطفل في نهاية هذه المرحلة باكتساب اللغة، ويصبح قادرا على بعض الأنشطة أو الأنماط السلوكية التي تمكنه من الوصول إلى بعض الأهداف، مما يشير إلى أنه اكتسب معرفة وجود بعض النظم للبيئة التي يعيش فيها. إلا أن تفكيره ما زال محدودا على نحو أولي للخبرات الحسية المباشرة، والأفعال الحركية المرتبطة بها، فهو لا يتمثل أهدافه عن طريق تصورات أو تخيلات داخلية، بل عن طريق الأفعال والأنماط السلوكية الظاهرة التي يستطيع أداءها.
مرحلة ما قبل الإجرائية أو ما قبل العمليات
وتمتد من السنتين إلى السبع سنوات، ولها تسميات مختلفة (مرحلة ما قبل المفاهيم، ومرحلة التفكير التصوري)، وفيها لا يزال الطفل غير قادر على التحكم في العمليات العقلية واستعمالها بطريقة منظمة وكلية، ولكنه في طريقه إليها.
ويُلاحظ أن مفاهيم الطفل تختلف عن مفاهيم الراشد، فقد يطلق الطفل مثلا كلمة خروف على كل ما يمشي على أربع، ولذلك يسمي بياجي ذلك مرحلة ما قبل المفاهيم.
وفي هذه المرحلة يزداد النمو اللغوي ويتسع استخدام الرموز اللغوية، ويتمكن الفرد من أن يتمثل الموضوعات عن طريق الخيالات والكلمات. ولا يزال الطفل متمركزا حول ذاته، فيرى العالم من وجهة نظره، ولا يستطيع تصور وجهة نظر الآخرين، ويصنف الموضوعات بناء على بعد واحد.
وفي نهاية المرحلة يبدأ الطفل باستخدام العدد وينمي مفاهيم الحفظ.
مرحلة العمليات المادية أو الفترة الإجرائية المحسوسة (العينية)
وتمتد هذه المرحلة من السبع سنوات إلى الإثني عشر سنة، حيث يستطيع الطفل في هذه المرحلة ممارسة العمليات التي تدل على حدوث التفكير المنطقي، أي القدرة على التفكير المنظم. إلا أنه مرتبط على نحو وثيق بالموضوعات والأفعال المادية، والمحسوسة، والملموسة.
وأهم ما تتميز به هذه المرحلة:
- الانتقال من اللغة المتمركزة حول الذات إلى لغة ذات الطابع الاجتماعي.
- يحدث التفكير المنطقي عبر استخدام الأشياء والموضوعات المادية الملموسة.
- يتطور مفهوم الاحتفاظ، فالعناصر تحتفظ بخصائصها بالرغم من تغير شكلها. (الماء مثلا)
- يفهم مفردات العلاقة. (أ أطول من ب)
- يصنف الموضوعات ويرتبها في سلاسل على أساس معين، مِنَ الأقصر إلى الأطول مثلا.
- تطور مفهوم المقلوبية أو العكسية، ويعني القدرة على التمثيل الداخلي لعملية عكسية، فمثلا، نَقْلُ الماء من الوعاء (أ) إلى الوعاء (ب) هو نفسه من الوعاء (ب) إلى (أ) دون زيادة أو نقصان.
ولذلك فإن الطفل في هذه المرحلة يكون قادرا على القيام بالسلوكيات الآتية في المدرسة:
- يستوعب المفاهيم والفرضيات البسيطة التي تقيم صلة مباشرة بالأفعال المألوفة، والتي يمكن شرحها في ارتباطات مبسطة مثل: النباتات الأطول لأنها أعطيت سماداً أكثر.
- يتتبع التعليمات خطوة بخطوة، كالوصفة الطبية مثلا أو تصنيف الكائنات الحية باستخدام مفتاح التصنيف.
- يصل بين وجهتي النظر في موقف بسيط.
- يبحث ويعرف المتغيرات التي سببت ظاهرة ما، لكنه يفعل ذلك بدون منهجية وبشكل غير كاف.
- يقوم بملاحظات ويأتي بدلائل وعلاقات، ولكنه لا يأخذ بعين الاعتبار كل الاحتمالات.
- يستجيب للمسائل الصعبة بحل قد لا يكون صحيحا بالضرورة.
المرحلة المجردة أو الفترة الإجرائية الصورية
وتبدأ من الإثني عشر سنة تقريبا إلى الرشد. وسميت كذلك بمرحلة العمليات الشكلية لأن الطفل هنا قادرٌ على تكوين المفاهيم، والنظر للمشكلة من زوايا مختلفة، ومعالجة عدة أشياء في وقت واحد.
وفي هذه الفترة يفكر الفرد بطريقة مجردة، ويتبع افتراضات منطقية، ويعلل بناء على فرضيات، ويعزل عناصر المشكلة، ويعالج كل الحلول الممكنة بانتظام، ويصبح مهتما بالأمور الفرضية والمستقبلية.
ويرى بياجي أن العمليات الشكلية تنشأ من خلال التعاون مع الآخرين.