الخربشةُ الثالثة :
20.07.2016 في القنيطرة
يستيقِظُ " دّا مُوح " باكِراً مثل صباح كل يوم أربِعاء، يصعد من الدوار بخطواتٍ متسارعة ليَصِل إلى الطريق الجبلية الوحيدة فَيرتاحُ قلبُهُ حين لا يجِدُ أحداً قبله.
يبحث عن صخرة يقتعِدُها بجانِب المرآب حيث لا تزالُ الشاحنة نائمة، يجدُ صخرة مسطّحة يحمِلُها ليَجِد تحتها عقرباً مُرتعِداً من همسات الريح الذي أيقظه لتوِّه، يقتُلُه ببُرودةٍ ويجلِس في إنتظار وصول باقي الركاب ومالِك الشاحنة.
يتوافدُ الركاب فُرادى وجماعات من الدوار ومن الدواوير المُجاوِرة ، الكُل يُريد الصعود أولاً، جماعات من البدوِيّين المنسيّين يتجادبون أطراف الحديث مع أساتذة الفرعِية حول أحقية استعمال عين ماء، وحول أخبارٍ عن شحنة مؤونة قادِمة عمّا قريب.
يصِل السائق، يلقي التحية ويفتح المرآب، يتفقّد مستوى الزيت والماء، يزوّد الشاحنة بالبنزين من برميل بلاستيكي إحتياطي ثم يخرج الشاحنة. تركب بجانبهِ امرأة وزوجها وامرأة أخرى حجزوا تلك المقاعد منذ ثلاثة أيام.
يصعدُ أستاذ رفقة ثلاث رجال فوق رأس الشاحنة ( الكاروري ) في حين يتزاحمُ البقية رجالا ونساءا، أطفالا وشيوخاً في الخلف، أمّا الأستاذ الآخر فيُفضِّلُ أن يتمسّك بالباب قبالة السائق ليدردش وإياه طول الطريق.
تنطلِق الشاحنة تتغنّجُ تارة وتنتحِبُ تارة في رقصة موتٍ مع المُرتفعات والصخور التي تتخلّل الطريق كما يتخلّل حب الشباب وجه شاب راشد. تمر الشاحنة من بضعِ محطات وقوف مؤقّت على مشارف الدواوير المُتاخمة للطريق، ليصعد عجوز لم يستطع الذهاب للمرآب أو شاب استغرق في النوم.
أخيراً بعدَ ساعةٍ ونصف تتوقّف الشاحنة بالدوار حيث يوجد السوق الأسبوعي ومقر الجماعة ومُستوصفٌ صغير ومركزية مجموعة المدارِس.
ينزلُ الركاب من الشاحنة لِيذهبَ كل وراء ما جاء لأجله من عرض اداري أو شخصي، ومُباشرة بعد وجبة الغذاء تبدأُ رِحلة العودة للدوار...
إرتأيتُ أن أنقُلَ إليكُم مُقتطفاً من رحلةِ العودة...على شكلِ مقطع فيديو :)